خلافات رقمية تؤخر اتفاقية التجارة الأمريكية-الأوروبية

المؤلف: «عكاظ» (بروكسل)09.01.2025
خلافات رقمية تؤخر اتفاقية التجارة الأمريكية-الأوروبية

يشهد الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية مفاوضات حاسمة، يسعى من خلالها الاتحاد الأوروبي لحماية قواعده الرقمية الأساسية من أي استهداف أمريكي محتمل. يأتي هذا المسعى في خضم خلافات متصاعدة حول التفاصيل النهائية لبيان مشترك طال انتظاره، والذي يهدف إلى إضفاء الطابع الرسمي على الاتفاق التجاري الذي تم التوصل إليه بين الجانبين في الشهر المنصرم، وذلك وفقًا لما أوردته صحيفة «فاينانشيال تايمز».

أفاد مسؤولون أوروبيون بأن الخلافات الجوهرية حول صياغة اللغة المتعلقة بما يسمى «الحواجز غير الجمركية» - والتي دأبت الولايات المتحدة على اعتبارها تشمل القواعد الرقمية الطموحة التي يتبناها الاتحاد الأوروبي - تعتبر من الأسباب المحورية التي أدت إلى تأخير إصدار البيان المشترك. هذا التأخير يعكس عمق التباين في وجهات النظر بين الطرفين حول قضايا التجارة الرقمية.

كان من المتوقع أن يرى البيان النور بعد أيام قليلة من إعلان رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، والرئيس الأمريكي آنذاك، دونالد ترمب، عن اتفاق التعريفات الجمركية في السابع والعشرين من يوليو في اسكتلندا. إلا أن هذه التوقعات لم تتحقق بسبب استمرار الخلافات.

أفصح مسؤولان أوروبيان عن أن الولايات المتحدة تصر على الإبقاء على هامش من المناورة فيما يتعلق بقانون الخدمات الرقمية للاتحاد الأوروبي، وهو القانون الذي يلزم شركات التكنولوجيا العملاقة بمراقبة منصاتها ومحتواها بشكل أكثر جدية وصرامة. وقد شددت المفوضية الأوروبية على أن أي تخفيف لهذه القواعد يعتبر بمثابة «خط أحمر» لا يمكن تجاوزه.

في المقابل، صرح مسؤول أمريكي لصحيفة «فاينانشيال تايمز» قائلاً: «نحن مستمرون في معالجة قضية حواجز التجارة الرقمية في حواراتنا ومفاوضاتنا مع شركائنا التجاريين، وقد أبدى الاتحاد الأوروبي موافقته على معالجة هذه الحواجز عندما تم التوصل إلى اتفاقنا الأولي». هذا التصريح يشير إلى وجود التزام سابق من قبل الاتحاد الأوروبي بمعالجة هذه القضية.

كانت المفوضية الأوروبية تأمل أيضًا في أن يوقع الرئيس ترمب أمرًا تنفيذيًا يقضي بخفض التعريفات الجمركية المفروضة على السيارات الأوروبية المصدرة إلى الولايات المتحدة من 27.5% إلى 15% بحلول الخامس عشر من أغسطس الجاري، لكن مسؤولاً أمريكياً أشار إلى أن هذا الإجراء لن يتم قبل التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن البيان المشترك.

وأكد المسؤول الأمريكي أن «الإجراءات التي تتضمن تعديل أي تعريفة جمركية، على غرار التعريفات المفروضة على السيارات بموجب المادة 232، ستتبع الانتهاء من البيانات المشتركة مع الشركاء التجاريين الذين توصلنا معهم إلى اتفاقيات».

ومع مرور أسابيع على الاتفاق المبدئي، لا تزال مسودات البيان المشترك قيد التداول بين بروكسل وواشنطن، ولم يتم إصدار أي قرار يتعلق بالسيارات - التي تمثل قطاعًا تصديريًا حيويًا بالنسبة لألمانيا.

ووفقًا لمسؤولين في بروكسل، تتضمن العقبات الأخرى التي تعترض طريق توقيع البيان المشترك «مساومة على الجداول الزمنية». فقد طلبت الإدارة الأمريكية توضيحات مفصلة بشأن الموعد الذي ستحظى فيه المنتجات الأمريكية مثل الأسماك والمواد الغذائية كالكاتشب والبسكويت والكاكاو وزيت فول الصويا بفرص وصول أفضل إلى السوق الأوروبية، وكذلك الموعد الذي سيقوم فيه الاتحاد الأوروبي بتخفيض تعريفاته على السلع الصناعية الأمريكية. هذه التفاصيل الزمنية تمثل نقطة خلاف أخرى بين الطرفين.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة